أطلقت وزارة الاقتصاد الرقمي وريادة الأعمال في الأردن مبادرة رائدة جديدة تهدف إلى تعزيز الاستثمارات الإقليمية والدولية في اقتصاد التعهيد الرقمي في المملكة.
وجاء الإعلان عن إطلاق مبادرة "المصدر الأردني Jordan Source"، خلال الندوة التي عقدتها الوزارة بالشراكة مع مجموعة البنك الدولي عبر الإنترنت، والتي بلغت مدتها ساعة واحدة وحملت عنوان "المواهب المؤهلة في مجال تكنولوجيا المعلومات في الأردن: بطاقتك الرابحة ضد منافسيك".
كانت الندوة قد استُهِلَّت بكلمة ألقاها صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، ولي العهد، الذي سلط الضوء على قوة وإمكانات قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المزدهر في المملكة قائلاً: "يشكل الأردنيون 27% من رواد الأعمال التقنيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على الرغم من أن الشعب الأردني يُشكل 3% فقط من التعداد السكاني في المنطقة. ويدعم قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأردني أكثر من 600 شركة تقنية وناشئة. وقد أثبتت مواهبنا التقنية تأثيرها البارز الذي تخطى الحدود الجغرافية للأردن".
كما ركّز سموه على الموقع الإستراتيجي الذي يتمتع به الأردن بين آسيا وأوروبا، حيث قال: "من الأردن ستتمكن من تنمية أعمالك لتصل إلى كل مكان في العالم". وأضاف: "تتيح اتفاقيات التجارة الحرة الخاصة بنا إمكانية الوصول إلى 1.5 مليار عميل في 161 دولة".
وكان من بين المتحدثين الرئيسيين خلال الندوة، كل من وزير الاقتصاد الرقمي وريادة الأعمال الأردني، أحمد الهناندة، ونائب رئيس مجموعة البنك الدولي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج، بالإضافة إلى نائب رئيس أمازون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، رنالدو مشحور، ورئيس مجلس إدارة شركة ومضة كابيتال، فادي غندور.
ومن جهته، قال وزير الاقتصاد الرقمي والريادة، أحمد الهناندة، في كلمته التي ألقاها أثناء الندوة إن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الأردن يمتاز بإمكانيات نمو عالية، وتوافر الموارد البشرية الماهرة، والبنية التحتية الآمنة، والقوانين والحوافز الداعمة. وسلط الوزير الضوء على خطة التحفيز التي تقدمها مبادرة "المصدر الأردني Jordan Source"، موضحًا الأسباب التي تجعل من الأردن وجهة رئيسة لتعهيد الأعمال وتكنولوجيا المعلومات.
بدورها قال الهناندة: "نطلق هذه المبادرة وهذا المشروع انطلاقًا من فهمنا الكامل لما تواجهه الشركات بشكل عام وقطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل خاص من تحديات في عالم يشهد تحولات سريعة. وتعد الحاجة المتزايدة للمكاتب الخلفية والاستعانة بمصار خارجية لتعهيد العمليات التقنية أمرًا ضروريًا لابتكار الأعمال واستدامتها".
وأضاف الوزير: "نقدم من خلال هذه المبادرة فريقًا كبيرًا سيعمل كمدراء حسابات للشركات المنضمة إليها، لمساعدتها في كل ما تحتاج إليه لتأسيس أعمالها، وجذب المواهب وتدريبها وتنمية مهاراتها".
هذا وسلط المتحدثون الضوء على العديد من العوامل التي مهدت الطريق لنجاح الأردن كمركز إقليمي واعد في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ ومنها مرونة الأردن وأمنه واستقراره على الرغم من المشكلات الطويلة الأمد الذي نتجت عن الربيع العربي، وتدفق اللاجئين، والقضايا الجيوسياسية، والوباء العالمي المستمر.
من جانبه، قال نائب رئيس مجموعة البنك الدولي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج: "لطالما كانت مواهب الشباب تمثل أعظم موارد الأردن".
يتمتع الأردن بموارد بشرية فتية ذات مهارات عالية، تتحدث اللغتين العربية والإنجليزية، كما أنها متقدمة من الناحية التقنية، وحاصلة على تعليم ممتاز، وحريصة على العمل بأجور تنافسية. أكثر من 50 في المئة من هذه الموارد تقل أعمارها عن 24 عامًا، مع 22 في المئة منها ممن تحمل شهادات في تكنولوجيا المعلومات والهندسة وعلوم الكمبيوتر.
وبيّن بلحاج إن البنك الدولي يدعم الأردن الذي يشهد إصلاحات هيكلية لتحسين بيئة الأعمال وزيادة استثمارات القطاع الخاص، قائلاً: "لا تزال إمكانات أنشطة التعهيد في الأردن غير مستغلة إلى حد كبير وقد تساهم بشكل كبير في زيادة عائدات التصدير. لقد أصبح الأردن مركزًا إقليميًا لعمليات التعهيد الخارجية مع انتقال العديد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المملكة".
كما أشار بلحاج إلى التطورات التي شهدها العقد الماضي في هذا الشأن؛ مشيرًا إلى استثمارات من شركات عالمية مثل أمازون، وويب هيلب، وأسباير، ومايكروسوفت، وغيرها، مع حرص الشركات المحلية، مثل كريستل، على سبيل المثال، على التوسع.
وقال بلحاج إن تعهيد العمليات التجارية يشكل قطاعًا شاملًا يوظف الآلاف من الشباب الأردني، لا سيما النساء.
ووفقاً للتقرير العالمي لريادة الأعمال، ارتفعت نسبة الإناث مقارنة مع الذكور في الأردن من 0.26 في عام 2016 إلى 0.59 في العام 2019، وهو تحسن بنسبة 127% في ثلاث سنوات فقط.
تكمل البنية التحتية القوية موقع الأردن الاستراتيجي؛ فمع توافر الإنترنت الموثوق، والاتصالات المتنقلة، وقطاع الطاقة القوي في الأردن؛ فإن هنالك ثقة بتوفر الطاقة والموارد اللازمة لضمان سير الأعمال بشكل متواصل، واتصال شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مع عملائها وتزويدهم بالخدمات دون انقطاع. ويوفر الأردن بيئة مناسبة للأسرة، ومنفتحة دوليًا للشركات والزوار على حدٍ سواء، إلى جانب ثقافته النابضة بالحياة والمتنوعة والغنية.
وفي حلقة نقاش منفصلة، أشار ممثلو شركات كريستل، وويب هيلب، وإيستارتا، وأسباير إلى مزايا مماثلة لممارسة الأعمال التجارية في الاقتصاد الرقمي الأردني على الرغم من التحديات التي فرضتها جائحة كورونا.
ووفقاً للبنك الدولي فإنه من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للأردن بنسبة 1.9 في المئة في عام 2021، حيث تشير المؤشرات الاقتصادية إلى ارتفاع الطلب الخاص بينما يظل الطلب العالمي داعمًا.
أما نائب رئيس أمازون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، رونالدو مشحور، فبين إن أمازون اتخذت من الأردن مركزًا إقليميًا لها منذ دخولها المنطقة في عام 2017 بعد استحواذها على موقعsouq.com ، حيث قال: "لقد نفذنا العديد من أنشطتنا الرئيسة هنا في الأردن، مثل الأنشطة التقنية، وتطوير تقنيات تعلم الآلة، وتطوير الأجهزة مثل التعليق الصوتي لجهاز ألكسا من أمازون باللغة العربية، والارتقاء بالعمليات التشغيلية وخدمة العملاء".
وأضاف: "لقد أظهرت أمازون بذلك للعديد من زملائنا العالميين القيمة التي يمكن أن يقدمها الأردن في المنطقة وللقوى العاملة العالمية في أمازون".
وقال مشحور إن القوى العاملة في أمازون في الأردن بدأت بحوالي مئتي موظف في عام 2017، وتضاعفت كثيرًا لتصل إلى 1200 موظف، مع وجود خطط للزيادة إلى 2300 في العامين المقبلين. وشكل الأردن واحدًا من مراكز الابتكار في المنطقة لأكثر من عقد من الزمان. وقد أثمرت منظومة ريادة الأعمال المزدهرة بنجاح شركات ناشئة حققت نموًا كبيرًا، وقد توسع العديد منها بالفعل على المستوى الإقليمي وأصبحت أهدافًا للاستحواذ.
وانطلاقاً من ذلك، تحرص الحكومة الأردنية على البناء على هذه النجاحات، بما فيها مجموعة المواهب المؤهلة وذات المهارات العالية، والبنية التحتية التقنية المتطورة والموثوقة، ومناخ الاستثمار الجذاب. وتسعى مبادرة "المصدر الأردني Jordan Source" إلى المزيد من تسهيل وتعزيز استثمار الشركات الإقليمية والدولية التي تتطلع إلى الاستفادة من صناعات تعهيد العمليات التقنية والتجارية.