تهيمن اليوم شبكات الاتصال اللاسلكية المفتوحة Open RAN على عالم شبكة الهاتف المحمول. كونها حركة تفصل وظائف الشبكات المفتوحة للاتصالات اللاسلكية تنشئ واجهات مفتوحة بينها، تَعد شبكات الاتصال اللاسلكية المفتوحة Open RAN بمستقبل يخفض تكاليف مشغلي الهاتف المحمول الطويلة الأمد انخفاضا حادّا، ويزيد المنافسة بين المزودين، ويعزز مرونة الشبكة، ويوسع فرص الابتكار.
تتوازى حركة شبكات الاتصال اللاسلكية المفتوحة بشكل وثيق مع التطور من الأنظمة الملكية إلى الأنظمة المفتوحة إلى المحاكاة الافتراضية التي شهدها قطاع تكنولوجيا المعلومات بدءاً من الثمانينات. ويقدم هذا المثال دليلاً مقنعاً يثبت أن الانتقال من الأجهزة والبرمجيات الملكية إلى أنظمة قابلة للتشغيل البيني مفيد لجميع الأطراف.
توافق شركات هذا القطاع على ذلك إذ ينضم مشغلو الهواتف المحمولة وشركات تصنيع معدات الشبكات وصانعو الرقائق وبائعو البرامج في جميع أنحاء العالم إلى عدد متزايد من معايير شبكات الاتصال اللاسلكية المفتوحة والمنظمات المناصرة لها، وقد أظهرت عمليات نشر شبكات الاتصال اللاسلكية المفتوحة البارزة الأهمية التجارية لهذه التكنولوجيا.
بالإضافة، لقد تمّت هندسة شبكات الاتصال اللاسلكية المفتوحة خصيصا لتلبية الاحتياجات المتطورة لمشغلي الهاتف المحمول.
ماذا تعني شبكات الاتصال اللاسلكية المفتوحة للمشغلين؟
إن ظهور تقنية الجيل الخامس وزيادة مطالبها بالاستثمار الطويل الأمد في السعة والطاقة والبنية التحتية لنقل البيانات وغيرها من المستلزمات يجبر المشغلين على أن يلقوا نظرة جيّدة على ما هو السبيل الأفضل لاستيعاب النمو وضمان جودة الخدمة وتبسيط هياكلهم وذلك بأدنى تكلفة إجمالية للملكية (TCO) الخاصة بالشبكة.
يعتبر الكثيرون أنه حان الوقت لإعادة تقييم مستقبل شبكاتهم بالكامل، لا سيما في الأسواق الشعبية المزدحمة. إن التكلفة العالية الحالية للأجهزة والبرامج والخدمات جعلت من الصعب بناء دراسة جدوى لتوسيع الشبكة إلى أسواق ذات متوسط إيرادات لكل مستخدم (ARPU) منخفض.
يُعد تأمين الاتصالات المحمولة الحديثة إلى المناطق ذات الكثافة السكانية الضئيلة أولوية للعديد من الولايات القضائية حول العالم. ويُعد الوصول إلى خدمة الإنترنت عالية السرعة أمراً ضرورياً لدعم التعليم العام والأعمال المحلية والوصول إلى الرعاية الصحية إلى جانب الخدمات المالية وغيرها. مع ذلك، فإن بناء الشبكات في المجتمعات النائية يتطلب استثمارات رأسمالية كبيرة تقدم عوائد استثمار قليلة على المدى القريب أو لا تقدم أي عائد على الإطلاق.
يمتلك المشغلون خرائط طريق تقنية متقدمة وقدرات بارزة ولكنهم لم يتمكنوا بعد من الاستفادة منها بشكل كامل لأن بقية السوق لا يزال متأخرا. فأدى التأخير بين الاستثمار في التكنولوجيا وجني الإيرادات منها إلى الضغط على الميزانيات العمومية للمشغلين.
ليس من الواضح بعد كيف سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي والأتمتة في تشغيل الشبكة والتخطيط لتقليل التكلفة وتعزيز التوافر. لكن المزودين والمجموعات المناهضة لشبكات الاتصال اللاسلكية المفتوحة يعملون لجعل الذكاء الاصطناعي والأتمتة عوامل رئيسية لجعل هذه الشبكات أيسر تكلفة وأكثر موثوقية، إلا أن المضي قدماً بهذه الخطوة لا يزال غير واضح بالنسبة للعديد من المشغلين.
ستستمر المنافسة العالية بالضغط على المشغلين لإيجاد طرق جديدة لزيادة الإيرادات والأرباح إذ يدخل لاعبون جدد إلى سوق الاتصالات، لا سيما في مجال إنترنت الأشياء والاتصالات الفضائية. مع ظهور حالات استخدام جديدة مثل المركبات ذاتية القيادة والمدن الذكية والمصانع الآلية، كما سيحتاج مشغلو الهواتف المحمولة إلى دعم الاتصال بين مليون جهاز لكل كيلومتر مربع (مقارنة بـ w / 100k للـ4G). لن يتمكن مشغلو شبكات الهاتف المحمول من الاستفادة من هذه الفرص إلا إذا وسّعوا نطاق شبكاتهم بكلفة مدروسة.
توفر شبكات الاتصال اللاسلكية المفتوحة وشبكات التحكم الذكي RAN Intelligent Controller (RIC) والأتمتة طريقة مهمة لمعالجة نقاط الضعف هذه من خلال مساعدة المشغلين على خفض النفقات الرأسمالية والنفقات التشغيلية وذلك مع توسيع الخدمات في أسواق جديدة، وبناء قواعد عملائهم، وضمان الجودة المثلى للخدمة للمشتركين.
شبكات الاتصال اللاسلكية المفتوحة وميزاتها الكامنة في المحاكاة الافتراضية
تُعد RIC والأتمتة ضروريتين للغاية لضمان بيئة RAN مفتوحة توفر حرية أكبر في الاختيار مع الحفاظ على إمكانية إدارة النفقات الرأسمالية والنفقات التشغيلية لمشغلي الهاتف المحمول. من خلال الإمكانات التي توفرها شبكات الاتصال اللاسلكية المفتوحة، سيكتسب مشغلو الهواتف المحمولة القدرة على الوفاء بوعد إنترنت الأشياء الجديد وسائر حالات الاستخدام الناشئة في البيئات المكتظة، وتوسيع شبكاتهم إلى مناطق جديدة لجعل الجيل الخامس في متناول الأسواق المحرومة من الخدمات، ولتأمين الأساس الهيكلي المتين الذي يحتاجون إليه لتخطيط فعال على المدى الطويل. قبل كل شيء، ستضمن الشبكات الراديوية المفتوحة أن جميع العملاء المقيمين والتجاريين على الهاتف المحمول لديهم إمكانية الوصول إلى حلول الاتصالات التي يحتاجون إليها لتحسين حياتهم اليومية.
كيف تواجه الأتمتة وشبكات التحكم الذكي RIC تحديات المشغل
يعتبر التنسيق والإدارة أمرين أساسيين لتحقيق الفوائد التي يوفرها حل شبكات الاتصال اللاسلكية المفتوحة الخاصة بالسحابة الأصلية. من خلال استخدام الأدوات والتقنيات الحديثة يمكن للأتمتة أن توفّر العديد من المزايا وتساعد في مختلف مراحل نشر الشبكة بدءاً من الإعداد لطرح شبكة أو خدمة جديدة، يليها الإنشاء لطرح الخطة المعدّة، ثم تشغيل الشبكة ومراقبتها. أخيراً، إغلاق / تقليص الشبكة أو الخدمة كما هو مطلوب. يتوافق ذلك إلى حد كبير مع نموذج نشر الشبكة حسب الاحتياجات التجارية.
اتصالات من أوائل الشركات التي طبقت شبكات الاتصال اللاسلكية المفتوحة
تدعم اتصالات الابتكار التكنولوجي وغالباً ما تكون من بين مشغلي الهاتف المحمول الأوائل الذين يختبرون وينفذون أفكاراً جديدة تعزز قوتها التنافسية في السوق وتقدم تجربة أفضل للعملاء. على ضوء ذلك، تدعم اتصالات اختبار الشبكة الراديوية المفتوحة وتقييمها بهدف تنفيذ حل خاص بها بمجرد استيفاء جميع الجوانب الفنية والشروط.
تعاونت مؤخراً مجموعة اتصالات وشركة الاتصالات السعودية STC ومجموعة زين وموبايلي ودو، مع شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة (EITC)، لتنفيذ حلول شبكات الاتصال اللاسلكية المفتوحة ضمن شبكات الاتصالات الحالية الخاصة بهم، ومشاركة معرفتهم التقنية وخبراتهم في هذا المجال وذلك لتحديد مسار واضح لدفع الابتكار في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
في هذا الإطار، قال محمد المرزوقي، نائب رئيس قطاع التكنولوجيا في المجموعة الدولية لاتصالات: "من خلال شبكات الاتصال اللاسلكية المفتوحة وميزاتها المتأصلة في المحاكاة الافتراضية والأتمتة، ستتمكّن اتصالات من تلبية احتياجات عملائها بشكل فعال من حيث التكلفة في آسيا الوسطى وخارجها. لن يساعدنا نظام Open RAN على توسيع استثماراتنا الأولية فحسب، بل سيساعدنا أيضاً على الابتكار وتقديم خدمات جديدة بسرعة، اليوم وفي المستقبل".
في نيسان/أبريل 2021، أعلنت اتصالات عن شراكة مع Parallel Wireless لتقديم أول تطبيق Open RAN في آسيا الوسطى. عند اكتماله، سيكون التطبيق أول حل عالميّا لشبكات الاتصال اللاسلكية المفتوحة المتوافق مع السحابة الإلكترونية لشبكات الجيل الثاني، الثالث، الرابع والخامس والـO-RAN. يتم تطوير الحل بالتعاون مع شركة إنتل باستخدام نظام أساسي للأجهزة يعتمد على معالجات Intel Xeon القابلة للتطوير من خلال الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة.
تساعد الأجهزة الجديدة إلى جانب أدوات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة وبرامج مجموعات تطوير البرامج (SDK) المحسّنة على تعزيز أداء تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الاتصالات.
اتصالات أفغانستان تحقق المزيد من المرونة وإمكانية النقل
أدى التوسع السهل وفصل الأجهزة عن الشبكة الراديوية المفتوحة في أفغانستان إلى توفير مرونة وقدرة نقل أكبر عبر البيئات السحابية لتحقيق توفير أكبر في التكلفة الإجمالية للملكية (TCO).
تمكنت اتصالات من استبدال أنظمة الجيل الثاني، والثالث، والرابع القديمة التي تحمل شبكة الراديو عن بُعد (RRUs) بالنظام الإيكولوجي لأجهزة الراديو Open RAN مع حلول فرعية يمكن تحديثها إلى الجيل الخامس في المستقبل.
يتمثل الهدف الاستراتيجي لاتصالات في بناء الشبكات اللاسلكية وتنميتها لتوفير خدمات رقمية من الجيل التالي لعملائها في المنطقة وذلك من خلال جمع حلول قابلة للتطبيق تعتمد على بنية مفتوحة ونموذجية، وتحسين سرعة الخدمة من خلال السحابة، وتقليل التكاليف التشغيلية عبر المواقع الموزعة جغرافياً باستخدام التشغيل الآلي.
تتوقع اتصالات أن تفتح شبكات الاتصال اللاسلكية المفتوحة الباب أمام منافسة أكبر بين المزودين، مما سيمكن الشركة من تقييم الحلول من مجموعة أكبر من مزودي الاتصالات. وستؤدي زيادة المنافسة والابتكار إلى تحسين النفقات التشغيلية والنفقات الرأسمالية. كما تؤمن "اتصالات" أيضاً أن البرمجيات ستظهر كمكوّن أساسي في قطاع الاتصالات وستسهل إدراج الذكاء الاصطناعي في مجموعة منتجاتها.