تعاني معظم الشركات من تراجع في ايراداتها نتيجة الأزمات المتتالية التي طالت الأسواق العالمية وتراجع الاقتصاد. على ضوء ذلك، زاد الانفاق على التكنولوجيا بشكل ملحوظ خصوصاً بعد نجاح الحلول الرقمية خلال العام 2020.
جاء وباء كوفيد-19 مؤثراً على أعمال الشركات والمؤسسات عربياً وعالمياً مما دفعها إلى زيادة انفاقها على الاتصالات وتقنية المعلومات بهدف تحقيق التحول الرقمي أوّلاً، وتلبية احتياجات القطاعات ومتطلبات البنية التحتية الذكية ثانياً. تُعد التجارب الرقمية من أنجح الاستثمارات حالياً ومن أهم العناصر لتحقيق النمو الشامل خلال العام 2021. بدورها، وتوقعت غارتنر، مؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية، أن تسجّل قيمة الانفاق على تقنية المعلومات 4.2 تريليون دولار خلال العام الجاري أي بزيادة نسبتها 9% مقارنةً بالعام 2019.
زيادة الاستثمارات في التقنيات الذكية وتعزيز دور الحكومات الرقمية
على خط الجهود المبذولة لدعم هذا التغيير، توقعت شركة "غارتنر" أن يتجاوز إنفاق الحكومات على تقنية المعلومات حاجز 557.3 مليار دولار على مستوى العالم بحلول العام 2022، أي بزيادة نحو 6.5% مقارنةً بالعام 2021. وقالت إيرما فابيولار، نائبة الرئيس للأبحاث لدى شركة غارتنر: "سوف تواصل الحكومات زيادة استثماراتها في التقنيات الرقمية استجابة للتطورات المتواصلة المتعلقة بقضايا الصحة العامة الناجمة عن جائحة كوفيد-19. كما أن هذه الاضطرابات الناجمة عن الوباء أسهمت في تعزيز مبدأ رئيسي للحوكمة الرقمية، ألا وهي أنه لا يمكن الفصل ما بين التكنولوجيا والسياسة العامة بحال من الأحوال""
أما بحلول العام 2022، فمن المتوقع أن نشهد زيادة الاستثمارات في التقنيات الرقمية لتخصص الحكومات نحو 64% من إجمالي انفاقها على البرمجيات والخدمات التقنية لتحسين جودة الحياة. فضلاً عن ذلك، يشير التقرير الى أن الحكومات ستعزّز قدراتها لتطوير البنية التحتية لتقنية المعلومات وتحقيق التحول الرقمي في كافة القطاعات منها السياحة، البناء، الصحة، تجارة التجزئة وغيرها.
27.7 مليار دولار إنفاق المملكة العربية السعودية على تكنولوجيا المعلومات في العام 2021
لم تتغلّب تداعيات الجائحة على أعمال التقنية والتكنولوجيا في وقت زاد فيه استخدام الأجهزة الذكية والبرامج الالكترونية. ارتفعت مبيعات الأجهزة الالكترونية في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام وفي السعودية بشكل خاص حيث قام العملاء بتحديث هواتفهم المحمولة وأجهزة الكمبيوتر لديهم مع مواصلة العمل من المنزل. وترجّح الدراسات تجاوز انفاق العملاء السعوديين على الأجهزة الذكية 4.6 مليارات دولار على أن تعود استثمارات المؤسسات والمنظمات السعودية في مجال البرمجيات والتكنولوجيا لتحقق أكبر نسبة من النمو بحلول العام 2022.
وتوقعت شركة غارتنر أن يسجّل الإنفاق على التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 171 مليار دولار خلال العام الجاري أي بزيادة 4.5% مقارنةً مع العام السابق لتعود بذلك حركة التجارة الرقمية إلى ما كانت عليها قبل ظهور كوفيد-19.
الإمارات تفعّل دور الرقمنة ضمن القطاعات الخاصة والعامة وتسجّل نمواً في قطاع التقنية
إلى جانب نمو مبيعات الأجهزة الذكية، الهواتف والكمبيوترعالمياً، حققت الإمارات قفزة في عالم الرقمنة لتحافظ بذلك على ريادتها بالتكنولوجيا والمعلومات إقليمياً ودولياً. في هذا السياق، يشير الخبراء إلى وصول حجم إنفاق دولة الامارات العربية المتحدة في قطاع تقنية المعلومات إلى 8.7 مليارات دولار للعام 2021 أي بنمو 4.2% عن العام 2020، يأتي ذلك على ضوء طلب الشركات والأفراد المتزايد على جميع أنواع الأجهزة الذكية لمواصلة الأعمال إفتراضياً استجابةً للاجراءات الوقائية ضدّ فيروس كورونا.
كما تواصل الامارات إنفاقها على تطوير البنية التحتية الرقمية لتأمين أكبر سعة لتخزين البيانات ودعم خطة التحول الرقمي في كافة أنحاء الدولة. كما ستواصل هذه التوجهات تصاعدها خلال الفترة المقبلة مع تبني الشركات والأفراد التقنيات الذكية منها الذكاء الاصطناعي وانترنت الاشياء وأنظمة الحوسبة السحابية إلى جانب توسّع نطاق الشبكات اللاسلكية لا سيّما الجيل الخامس وقريباً انطلاق الجيل السادس.
نمو إنفاق قطر على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وفرص جديدة في هذا المجال
أتاحت الأزمة الصحية التي مرّ بها العالم الفرصة لدولة لقطر لتكثّف جهودها في عالم الرقمنة والاتصالات حيث توقّع المسؤولون القطريون أن يصل انفاق قطر على قطاع التكنولوجيا إلى نحو 9 مليارات دولار بحلول العام 2024. هذا الأمر سيزيد المنافسة في السوق القطري والعربي إلى جانب توسّع المشاريع من وإلى دولة قطر. بحسب الخبراء، حققت قطر انجازات عديدة على صعيد التقنية والتكنولجيا في فترة قصيرة مع اطلاق الاستراتيجية الوطنية للتكنولوجيا المالية لقطر وتدشين مركز قطر للتكنولوجيا المالية بالاضافة إلى المشاريع والمبادرات الفردية.
ووفقاً لتقرير مركز قطر للتكنولوجيا المالية للعام 2021، تجذب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العدد الأكبر من الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا المالية مما يُبشّر بمرحلة مزدهرة.
ما هي آلية العمل لدعم التحول الرقمي وماذا عن تأثير الجائحة؟
ارتكزت المشاريع المتعلقة بتوسيع البنية التحتية وتطويرها على زيادة الانفاق على التطبيقات الذكية، وتكنولوجيا الاتصالات وتجهيز الشبكات والأجهزة المتطورة. إلى جانب ذلك، ركّزت الحكومات على دعم مشاريع التحول الرقمي من خلال العمل على انترنت الاشياء، تأمين الحوسبة السحابية، الحفاظ على الأمن الالكتروني والبيانات بالاضافة إلى نشر الواقع المعزّز والذكاء الاصطناعي.
هذه المشاريع وسواها ساهمت بتسارع النمو الاقتصادي في البلاد لا سيّما في الامارات التي حفزّت فرق العمل الحكومية لديها على تنفيذ استراتيجية العمل هذه توازياً مع الخطط الأخرى. فبعد عام من الركود الاقتصادي، تشير التقارير الأخيرة إلى نمو اقتصاد مجلس التعاون الخليجي بنسبة 2.2% خلال العام الجاري مما سيدفع بالتجارة والخدمات إلى الأمام مع تأمين المزيد من فرص العمل وحصد الأرباح.
أما عن تأثيرالوباء، فتعيد الشركات النظر بطريقة عملها للتجاوب مع مرحلة ما بعد الوباء حيث توسع البنية التحتية لتقنية المعلومات. من جهتها، تشير غارتنر الى أنه بحلول العام 2025 سيكون لدى أكثر من 50% من المؤسسات الحكومية خطط عمل فعلية لتحديث استراتيجية عملها تدعم من خلال الأداء الرقمي وتؤمّن مرونة الأعمال.