يتسارع تطور التكنولوجيا بشكل غير مسبوق حيث من المتوقع أن تُحدث الثورة التكنولوجية طفرات على مستويات الإنتاج والعمل. مع تطور الذكاء الاصطناعي، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وأجهزة الروبوت، وكذلك علوم البيانات الضخمة والإنترنت، أثيرت تساؤلات عدّة حول قدرة هذه التقنيات على الإطاحة بالعنصر البشري، في وقت يرى فيه الخبراء أنّ الذكاء الاصطناعي قد يتفوق على ذكاء الإنسان بحلول العام 2035.
تُعتبر التنمية وتطوير المهارات التقنية من العناصر الأساسيّة للاستقرار والتقدّم الاجتماعي والإنساني من جهة، ولتحقيق النمو الشامل من جهة أخرى. كما تُركّز القيادات في مجال التكنولوجيا على تطوير الحلول الذكية للمضي قدماً نحو الاستقرار المعيشي والرفاهية، وتلبية متطلّبات الانسان بكل ما يتماشى مع احتياجاته وإمكانياته في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية.
ما برحت الثورات التكنولوجية، على مر التاريخ، تغيّر القوى العاملة فهي تستحدث أشكال وأنماط عمل جديدة، وتدفع غيرها إلى الاندثار. تشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن التحول إلى اقتصاد أكثر تقدماً قد يؤمّن 24 مليون وظيفة جديدة على مستوى العالم بحلول العام 2030 من خلال اعتماد ممارسات مستدامة في قطاع الطاقة واستخدام المركبات الكهربائية وزيادة كفاءة العاملين بمجالات الانترنت والاتصالات. خلافاً لذلك، تشير مجموعة من التقارير إلى أن 800 مليون شخص قد يفقدون وظائفهم بسبب التشغيل الآلي بحلول العام 2030، فأغلبية الموظفين يشعرون بالقلق من ألا يكون لديهم التدريب الصحيح أو المهارات اللازمة للحصول على عمل بأجر جيد.
التغيرات التكنولوجية لمستقبل أفضل ؟
بين خدمات الذكاء الاصطناعي ودور الروبوتات وأهمية الأجهزة الذكية بتسهيل المهام العملية والتخوف من سيطرة الرقمنة على وظائف اليد العاملة، نظريتان متناقضتان تُطرحان: الأولى تدعم دخول التقنية إلى قطاع الأعمال والثانية تُحذّرمنه لأسباب عدّة. يعتبر التغيير التكنولوجي من المحركات الأساسية للنمو والتنمية. نتيجة لهذا التطور، أشار بعض الباحثين إلى أن الوظائف التقليدية ستختفي نظراً لعدم توافقها مع معايير العالم الرقمي الحالي مما سيجعل عمل الإنسان مرتبطًاً بمهاراته التقنية مستقبلًا. وفقًا لتقارير اقتصادية إن الأشخاص الذين يشغلون وظائف لا تتطلب مهارات عالية، مثل: الزراعة، وتقديم الخدمات، سيفقدون وظائفهم، فكلما ازداد استخدام التكنولوجيا قل استخدام العمالة، وزادت الإنتاجية.
وعن تأثير التطور التقني على شبكة النقل الخدمي، فإن التقدم التكنولوجي سواء في علم البيانات الضخمة أو الذكاء الاصطناعي، سيساهم في تقليص شبكة النقل العالمية. فمع هذا التطور ستكون عملية الإنتاج محلياً أكثر كفاءة، وبالتالي فهي ليست بحاجة لأن تتم في الخارج، كما ستكون تكلفتها أقل، مما يعني أرباحاً أعلى للشركات ومدخرات أقل للمستهلكين. على مقلب آخر، سيساهم التقدم في اعتماد المركبات ذاتية القيادة إلى تقليل معدل الحوادث، وتأمين خدمات للنقل العام تستوفي معايير السلامة المطلوبة للعملاء. كما ستساهم في حل مشكلة البضائع التي تتطلب شاحنات كبيرة وتؤمّن الراحة للسائقين، مما سيقلل نسبة الحوادث الناتجة عن الشاحنات وسيخفض التكاليف على الشركات التجارية.
أما عن التطور التكنولوجي والتعليم، فله تأثير واضح على المجالات التعليمية، خصوصاً منذ ظهور الإنترنت والهواتف والأجهزة والتطبيقات الذكية، التي مكّنت الطلاب من إتمام واجباتهم المدرسية عن بُعد في ظلّ انتشار وباء كوفيد-19 والتزام المنازل.
تفعيل خطة تطور التكنولوجيا في بعض الدول العربية
تدرس الدول العربية عدّة مبادرات لتحقق من خلالها التطور في قطاع التكنولوجيا والتقنية. كانت إمارة دبي في طليعة هذه الخطط حيث يتميز قطاع التكنولوجيا والابداع التقني لديها بتطوره الشديد مع اهتمام الحكومة الإماراتية والقائمين عليها بمواكبة عصر الرقمنة. على مر السنوات الماضية، أظهرت هذه المدينة أن الابتكار هو من أحد العوامل الرئيسية لتحقيق النجاح على المدى الطويل، لذا فهي تمهد طريقها لتصبح مركزاً رئيسياً للابتكار الرقمي والابداع التكنولوجي في المنطقة. في غضون ذلك، يسعى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لتصبح دبي مدينة ذكية، من خلال جعل حياة السكان أكثر سعادة والتخفيف من الأعباء اليومية، الأمر الذي سهّل دمج التكنولوجيا بكافة القطاعات ضمن دبي.
إليكم بعض الأهداف التي تنوي دبي تحقيقها لتعزيز مكانتها في قطاع التكنولوجيا أبرزها يبدأ مع:
- استخدام التكنولوجيا في جميع مجالات الحياة لتصبح دبي رائدة في الاقتصاد العالمي وتقديم خدمات حكومية إلكترونية بالكامل للوافدين والمواطنين.
- تسهيل خدمات النقل من خلال استعمال المركبات ذاتية التحكم على نطاق واسع.
- أن تصبح مدينة دبي نظيفة وصديقة للبيئة أكثر من خلال استخدام التكنولوجيا وصناعات دبي الذكية.
أما بالنسبة إلى السعودية، فالتكنولوجيا تُشكّل عالماً بأكمله، وهي قادرة على تسريع نمو أي مجتمع ، أو تأخره، كما تقود البشر نحو تطوير المعارف والعلوم على شكل نموذج التقدم. بدوره، دعا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الى بناء اقتصادات المعرفة لخدمة البشرية، وإلى تقليص الفجوة الرقمية بين العالمين المتقدم والنامي. من هذا المنطلق ستكون المملكة العربية السعودية نموذجاً للذكاء الصناعي في العالم بحكم مكانتها الرفيعة سياسياً واقتصادياً.بالاضافة إلى رؤية المملكة 2030 التي ستغيّر ملامح البلاد تقنياً على المستوى المحلي والعالمي.
ساهم التطور التكنولوجي في تحسين مختلف القطاعات، نتيجةً لما تم تقديمه من معدات وتقنيات جديدة تعمل على توفير الوقت والجهد، ومن أبرز القطاعات التي ازدهرت مع التطور التكنولوجي، التعليم، الطب، الصناعة، التجارة، الثقافة.
لا يزال مستقبل الدول المتأخرة عن التطور التكنولوجي مجهولاً في وقت تتسارع فيه وتيرة الابتكارات الرقمية عالمياً لتأمين أسس أفضل لحياة ذكية!