نظراَ لتراجع حركة الملاحة الجوية نحو 90% على أثر انتشار وباء كوفيد-19، عانت شركات الطيران من ركود غير مسبوق بعد إقفال أغلب المطارات عالمياً. على ضوء ذلك، بدأ العمل على تطبيق الاجراءات والتعديلات اللازمة استعداداً للعودة بعد مرحلة انحسار الوباء.
تطمح المطارات العربية والعالمية الى الحفاظ على مكانتها الرائدة وجذب المسافرين إليها مع تأمين أعلى معايير الحماية. فبفضل إعتماد التقنيات الرقمية والأجهزة الذكية، تمكّنت المطارات من تعزيز خدماتها التشغيلية والتقنية. ومع إعادة فتح البلاد، تهافتت الدول على اعتماد الشهادات الرقمية لإعادة تنشيط الحركة في صفوف المسافرين ودعم السياحة محلياً ودولياً. بعد مرحلة الإختبار، ها هو جواز السفر الرقمي الخاص برصد كورونا يبصر النور ليدخل الخدمة رسمياً.
الإتحاد الأوروبي يتيح جواز السفر الرقمي لمواطني الاتحاد والمقيمين فيه
أتاح الاتحاد الأوروبي إنطلاقاً من 1 يوليو جواز سفر كوفيد-19 الخاص لجميع مواطني الاتحاد الأوروبي والمقيمين فيه، وكذلك لفئات محددة من المسافرين. وعلى الرغم من المعلومات السائدة والتي تعتبر أن الشهادات ستبدو كجواز سفر عادي، فهي في الواقع وثيقة تتألف من صفحة واحدة، تصدر بتنسيق رقمي وقابلة للطباعة.
كما يتيح الجواز الرقمي للمسافرين أن يبرزوا معلوماتهم إما ورقياً أو على هواتفهم الذكية أو الأجهزة اللوحية. تحتوي كل شهادة على رمز الإستجابة السريع code QR الخاص بها يمكن قراءته آلياً للتحقق بشكل آمن من سلامة الشهادة وصلاحيتها، بالإضافة إلى التوقيع الرقمي. تصدر الشهادات بلغتين، الإنكليزية والعربية أو اللغات الرسمية للبلد المُصدِر. أما المعلومات التي تتضمنها الشهادة فستكون صالحة من 1 يوليو إلى 31 يونيو 2022. بدورها، تُنصح الدول الأعضاء بإصدار شهادات التطعيم لمواطنيها، حتى لو تم تطعيمهم في دولة أخرى ، بما في ذلك دول ثالثة.
الإتحاد الدولي للنقل الجوي: تقديم جواز سفر كورونا في الشرق الاوسط
بعد سلسلة من الإختبارات والمناقشات، أعلن الإتحاد الدولي للنقل الجوي عن بدء العمل مع شركات الطيران في منطقة الشرق الأوسط من أجل طرح جواز السفر الرقمي؛ وتعتبر وثيقة IATA كتطبيق للهواتف الذكية تسمح للمسافرين بإنشاء جواز سفر رقمي لمشاركة معلومات التطعيم مع شركات الطيران. في غضون ذلك، كانت خطوط الطيران الجوية الإماراتية، القطرية، والإتحاد للطيران من أوائل الشركات التي بدأت اختبار التطبيق خلال شهر يناير؛ تظهر الخطوط الجوية القطرية والحكومة القطرية ريادتهما في هذا المجال لتكون أول دولة تتحقق من صحة المسافرين وأخذهم اللقاح من خلال جواز سفر IATA. كذلك سيتمكّن ركاب الطائرة التحقق من حالتهم على تطبيق Travel Pass مسبقاً.
وبحسب القيّمين سيساعد جواز السفر هذا - وهو عبارة عن تطبيق إلكتروني - المسافرين على التحكم وإدارة رحلاتهم بطريقة سهلة وسريعة تماشياً مع كل المتطلبات الحكومية والطبية المطلوبة. كما يعتبرجواز السفر هذا من الحلول الرقمية المهمة لتجاوز الأزمة وتوفير الوقت، بالاضافة إلى تجنّب الإزدحام في المطارات في قاعات الانتظار.
بالأرقام... قطاع السفر الخاسر الأكبر نتيجة موجة كورونا
استمرت خسارة قطاع السفر والملاحة الجوية بالتفاقم مع ارتفاع عدد الإصابات حول العالم واتخاذ إجراءات أكثر صرامةً من قبل الحكومات واللجان المعنيّة. وبحسب الدراسات، تراجعت حركة المسافرين عالمياً 67% خلال العام 2020 بينما وصلت الخسائر المالية التي تكبّدتها شركات الطيران إلى نحو 18.5 مليار دولار خلال العام 2020. أما في حال فتحت الدول حدودها مجدداً في منتصف 2021 فسيخسر القطاع نحو 38.7 مليار دولار في العام الجاري.
بدورها تتوقّع التقارير الصادرة حديثاً عن إحدى الشراكات الأميركية المتخصصة بالدراسات والاستشارات أن تصل خسائر قطاع السفر والسياحة في منطقة الخليج إلى 60 مليار دولار نظراً لتفشي الوباء.
كذلك، تراجع طلب المسافرين على السفر الدولي على صعيد شركات الطيران الأوروبية خلال شهر أكتوبر 2020 بنسبة 83% مقارنةً مع العام 2019.
الحلول الرقمية والتقنيات التكنولوجية لإنقاذ قطاع السفر
قبل جواز السفر الرقمي الذي يسمح للحكومات بتبادل المعلومات حول التطعيم، أقدمت المطارات على تطوير معداتها اللوجستية ودعم الفرق العاملة بكافة الأقسام للتعامل مع البرامج الذكية بشكل أفضل. على المستوى التقني، طبّقت أغلب المطارات العربية منها مطار حمد الدولي في قطر ومطار دبي الدولي تقنيات تكنولوجية مبتكرة لتخفيف التلامس البشري والاقتصار على تبادل البيانات أو الأوراق عبر الانترنت. كذلك تم نشر روبوتات ذكية لتنظيف مختلف أقسام المطارات وتطهيرها بشكل متواصل على مدار الوقت لا سيّما في الأماكن التي يمكن ان تشهد إكتظاظاً فيها.
أما على المستوى الصحي ولتعزيز الآليات للتصدي للفيروس، اعتمدت المطارات على خوذات ذكية وأجهزة حرارية لرصد المصابين بالفيروس عبر الأشعة فوق البنفسجية؛ فضلاً عن البرامج الإلكترونية والتطبيقات التي تحافظ على سلامة المسافر وتجنّبه لمس أي شيء من حوله.
ماذا عن مستقبل السفر في مرحلة ما بعد الوباء؟
ما زال كوفيد-19 يهدد القطاعات فالعودة إلى الوراء مستحيلة وإحتمال الإغلاق سيكون وارداً ما لم يتم انحسار الوباء كلياً.
على ضوء ذلك، يمكننا الحديث عن مرحلة جديدة يستعد لها قطاع السفرعالمياً لكيفية التصدي لموجات مرتقبة من الوباء من دون تسجيل خسائر كبيرة كتلك التي سجّلها القطاع في بداية الأزمة. كما يتم البحث بالحلول المستقبلية التي يمكن تطبيقها مع المسافرين خصوصاً مع الذين لم يتلقوا بعد اللقاح.
حتى التعافي كلياً من تداعيات الوباء يبقى على شركات الطيران والشركات العاملة بقطاع السفر تأمين جيل جديد من الطائرات منخفضة التكلفة وتتأمّن فيها كل التقنيات الذكية التي سيتم إستخدامها بشكل أكبر لا سيّما خلال الفترة المقبلة بدءاً من الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء مما يؤمّن الاتصال والتواصل مع الحفاظ على سلامة المسافر أينما تواجد في زمن كورونا.