تستمر فورة الهجمات الالكترونية التي استهدفت القطاعات على أنواعها في مختلف الدول بما فيها الإمارات، قطر، المملكة العربية السعودية، الولايات المتحدة روسيا وغيرها. ففي وقت تتعدد فيه أنواع الهجمات كانت الجهات المختصة بالمرصاد لها.
تُعزّز الدول الأكثر عرضة للهجمات قدراتها "السيبرانية" من خلال تطوير الخطط الدفاعية، تحسين السلوك الرقمي واعتماد الحلول المناسبة لمهاجمة القرصنة الالكترونية. في السياق عينه، تؤكّد الولايات المتحدة وروسيا إلى جانب 23 دولة ضرورة الحفاظ على البنية التحتية الرقمية وعدم حماية مجرمي الانترنت. بدورهم، أكّد بعض الدبلوماسيين البريطانيين في الأمم المتحدة ضرورة أخذ التدابير اللازمة والعمل على القانون السيبراني لمعاقبة أي جهة أو دولة تشنّ هجوماً رقمياً على البنية التحتية الرقمية تحت أي ظرف كان.
زيادة الهجمات الالكترونية 250% في الإمارات وارتفاع تكلفة إختراقات البيانات
تتعرّض الشركات والمؤسسات الإماراتية أكثر من غيرها من الشركات في منطقة الشرق الأوسط إلى الهجمات الالكترونية لاحتوائها على بيانات قيّمة للمقرصنين. ونظراً لارتفاع تكلفة التهديدات الالكترونية يبقى تكثيف الجهود من قبل الشركات الخاصة والعامة أمراً ضرورياً لحماية بياناتها من الاختراقات والتهديدات المحتملة.
في غضون ذلك، تشير التقارير الأخيرة إلى إرتفاع نسبة الهجمات الالكترونية في الإمارات بنسبة 250% عام 2020 مع تسجيل 1.1 مليون هجمة تصيّد احتيالي خلال العام الماضي؛ أما أنواع الهجمات الأخرى فازداد عددها أيضاً مع انتشار وباء كورونا واستخدام الانترنت أكثر.
على الصعيد العام، وصلت خسائر الشركات إلى أعلى مستوياتها منذ 17 عاماً لتسجّل 4.24 ملايين دولار مع زيادة 10% في تكلفة اختراق البيانات مقارنة مع التقارير الصادرة خلال العام 2020. إلا أن هذه التحولات دفعت بالشركات إلى تغيير نمط عملها واعتماد تدابير وتقنيات رقمية تستجيب للواقع الجديد مع استغلال قدرات الذكاء الصطناعي وإنترنت الأشياء لمكافحة الهجمات والتصدي لها باكراً.
بدورهم، اطلع أعضاء مجلس الأمن السيبراني الإماراتي على الخطط المستقبلية الشاملة لحكومة الإمارات مع الأخذ بالاعتبار كل السبل لتعزيز الوعي بالأمن السيبراني من خلال التعامل مع التقنيات الذكية الملائمة للسلوك الرقمي على شبكة الانترنت.
الصين والولايات المتحدة في المرتبة الأولى عالمياً في التصدي للهجمات السيبرانية
على الرغم من الحملات المبرمجة والهجمات التي استهدفتها مؤخراً من قبل روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران، تتصدّر الولايات المتحدة قائمة الدول - المؤلفة من 15 دولة - بامتلاكها القدرات الالكترونية والسيبرانية المطلوبة لمواجهة الهجمات الأكثر تطوراً وخطورة.
يقيّم التقرير الذي نشره مركز أبحاث بريطاني قدرات الدولة - الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا وفرنسا وإسرائيل واليابان والصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية والهند وإندونيسيا وماليزيا وفيتنام - في مجال الأمن السيبراني وطريقة دمج النظام الالكتروني في المؤسسات العامة والخاصة مع سائر القطاعات بمرونة وأمان.
على الخط نفسه، تعمل الصين بكل ما لها من مقومات لوجستية في مجال الرقمنة والأمن الالكتروني لتتقاسم المرتبة الأولى مع الولايات المتحدة باعتبارها الدولة الأهم التي بإمكانها أن تنافس الشركات الأميركية خصوصاً مع زيادة إنتاج السوق الصيني وتطوّر التكنولوجيا وقطاع التقنية والاتصالات خلال السنوات الأخيرة الماضية.
الشرق الأوسط الأكثر عرضة للهجمات الالكترونية وحكومات دول الخليج تتحصّن
تعاني مختلف دول العالم من تداعيات الهجمات الالكترونية المنظّمة إلى جانب مسألة الأمن السيبراني التي تتفاقم أهميتها مع تعدد الوسائل الاحتيالية على الانترنت. أما دول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط ككل، فتواجه وحدها سلسلة من التهديدات الأمنية على مدار السنة مما يعرّض أمن بياناتها للخطر بالاضافة إلى تهديد بنيتها التحتية الرقمية.
هذا الواقع دفع بحكومات دول مجلس التعاون الخليجي إلى زيادة استثماراتها بالأمن السيبراني لحماية البيانات على صعيد الأفراد والشركات والتصدي للتهديدات الرقمية. في غضون ذلك، أظهر مؤشر الأمن السيبراني العالمي "GCI" الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات "ITU" احتلال كل من الممكلة العربية السعودية، سلطنة عُمان وقطر المراتب الثلاث الأولى في العالم العربي لتتبعها الإمارات العربية المتحدة، الكويت والبحرين على المؤشر.
أما في ظلّ أزمة كوفيد-19 وزيادة استخدام المواقع الالكترونية والتواصل الافتراضي للعمل والتعلم عن بُعد، فيرى مركز الأمن السيبراني التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي أننا سنشهد على اختراق 74% من الأعمال التجارية بحلول العام 2022.
يعتبر الخبراء أن عدم توافق المهارات والقدرات في مجال التكنولوجيا مع الكم الهائل من الاستثمارات في هذا الإطار يعيق تطوّر حلول الأمن السيبراني ما يزيد التهديدات والاختراقات في الشرق الأوسط.
معركة الخليج ضد الانتهاكات الالكترونية... وهل من معايير جديدة لتأمين الحماية؟
رغم التحديات والتغييرات المتتالية في قطاع ديناميكي إلى أبعد حدود، تعترف دول العالم بأهمية مواكبة عصر الرقمنة وتأمين كل العناصر لتحقيق الأمن السيبراني.
أما من ناحية دول الخليج والمنطقة العربية، فتُعد مشاريعها المطروحة للمرحلة المستقبلية من أهم الخطوات العملية للاستجابة إلى مختلف أنواع الهجمات الالكترونية وتماشياً مع القوانين وسياسات الخصوصية الجديدة. على هذا الخط، تزيد دول الخليج شركاتها المختصة في مجال الأمن السيبراني باعتبارها من الأولويات للحفاظ على الأمن الاقتصادي، الاجتماعي والرقمي على حد سواء.
ومع التطورات التكنولوجية، بدأت الحكومات المعنية، في المنطقة الخليجية أو عالمياً، العمل على توفير بيئة رقمية مؤاتية ونظام تقني بمعاييرمناسبة لتطوير قطاع الاتصالات.
فبعد البرامج والقوانين التي أصدرتها السعودية، قطر والإمارات، أطلقت المملكة الأردنية برنامجها الوطني لتحسين المهارات السيبرانية لديها على ضوء إدراكها التام بمخاطر الهجمات السيبرانية. يرتكز هذا البرنامج على تحسين المهارات، تزويد الشباب بالأسس الفعالة للحفاظ على أمن القطاعين العام والخاص وسد الفجوة في مجال التقنية.
بدورها كثّفت المنظمات والمؤسسات حملاتها التوعوية لمعالجة المشاكل، تقييم أداء فرق العمل، تنظيم الاستراتيجية التي يجب اتباعها والاستجابةً إلى المخاطر الأمنية بسرعة.
وصلت الهجمات الالكترونية واختراقات البيانات إلى أعلى مستوياتها خلال الفترة الأخيرة، فنجحت الشركات المحصّنة تقنياً في التصدي للتداعيات بينما كانت المواجهة خاسرة بالنسبة للشركات التي اعتمدت العمل التقليدي وبقيت بعيدة عن الرقمنة. وكما أن مواكبة التحولات التكنولوجية أمر مهم إنما كيفية تعزيز الأمن السيبراني محلياً وعالمياً يبقى من الأولويات التي تسعى الدول إلى تحقيقها مهما كلّف الأمر من موارد بشرية ومادية.