لحاجته الملحة أو لمجرد إستخدامه للاختبارات العلمية، يُعتبر الروبوت اليوم أو الرجل الآلي من أهم الابتكارات وأكثرها خدماتية. فبالرغم من تعدد المهام وتنوع المميزات الموصوف بها، يُشرف الانسان على مرحلة مهمة من هذا الابتكار الذي تطوّر مع مرور الوقت ليصبح أقوى وأذكى في بعض الأحيان من مُخترعه نفسه أي الانسان.
تخطّت تكنولوجيا الروبوت مراحل عدة في رحلة تطوّرها، فلم تخمد محاولات الانسان التي استغرقت نحو 500 عام قبل بدء عصر التكنولوجيا الحديث إلى أن تمكّن أخيراً من صناعة شبيهاً له بالكلام والفعل. شهدت البشرية خلال السنوات الأخيرة، على نسخة "خارقة" من الرجل الآلي حيث تبلورت أعماله ووجوده الملحّ في المجالات كافة، من الصناعة إلى الزراعة، السياحة، التربية ومؤخراً الصحّة. على ضوء ذلك، توسّع وجود هذه التكنولوجيا في مختلف الدول حول العالم لتشكّل علامة فارقة في عصر "الديجيتال"، أما عدم الاستعانة بالروبوت فهو نقطة ضعف، تهدد أمن الانسان وسلامته.
إعتماد الروبوت في ظل إنتشار الوباء المستجد
قد يكون الهدف الأساس من إختراع التقنيات التكنولوجية هو مساعدة الانسان في مهامه اليومية المختلفة، إلا أنه تحت الظرف الصعب الذي يمرّ به العالم إثر إنتشار وباء كورونا، دخل الروبوت في القطاع الصحي ليكون من بين المحاربين في الصفوف الأمامية بالتوازي مع الطاقم الطبي البشري.
بدأت المستشفيات من داخل الصين أو خارجها بدمج الرجل الآلي ضمن فريق عملها واستخدامه لتعقيم الأماكن العامة حيث ترتفع نسب الجراثيم، أو لمتابعة المرضى المصابين بالفيروس. من جهته، يرى مدير شركة "يونيفرسال روبوتز" الرائدة في تصنيع الروبوتات، هيلموت شميت، أن سوق هذه التكنولوجيا سيشهد إزدهاراً قوياً يمتد لفترة ما بعد كورونا. ولفت شميت إلى الدور البارز للروبوت يخوّله أن يكون مكان الانسان نفسه خصوصاً في المستشفيات والقطاعات الصناعية التي من المهم أن يهتم العمال فيها بصحتهم.
كما في المستسفيات كذلك في المطارات حيث اعتُمد الروبوت لتعقيم الأرض والأغراض إلى جانب المدن التي لجأت إلى هذه التكنولوجيا لتوصيل الأدوية أو المواد الغذائية إلى المواطنين لاستلامها من راحة منزلهم من دون التعرّض للخطر. على ضوء ذلك، شهدت شركة "ستارشيب تكنولوجيز" ارتفاعاً بعدد طلبات التوصيل عبر الروبوتات في العديد من المدن حول العالم.
لم يقتصر استخدام الروبوت مع جائحة كورونا فقط، فقد سبق أن برز خلال فترة انتشار فيروس ايبولا عام 2015، حيث تمت الاستعانة حينها بالرجل الآلي ضمن ثلاثة مجالات: الرعاية الصحية السريرية، الخدمة اللوجستية، والاستطلاع لمراقبة مدى إلتزام المواطنين بالاجراءات.
إتجاه عالمي نحو الرجل الآلي
تعاملت الدول في المنطقة والعالم بطرق خاصة لاحتواء الوباء والحد من العدوى، فكانت التكنولوجيا والتقنيات الذكية الخلاص الوحيد والحل الأنسب لجميعها. ومن المدينة الصينية التي انطلق منها الفيروس، واجهت الصين الوباء تقنياً عبر الروبوت مع العلم أن الشعب الصيني مندمج كثيراً بالعالم الرقمي.وعلى الرغم من أن باقي الدول لا توازي الصين من حيث البنية الرقمية إلا أنها تمكّنت من تطوير التقنيات التي ساعدتها في رفع رصيد النجاحات لديها.
ففي تونس تمت الاستعانة بالروبوت "الشرطي" لتكون تجربة فريدة من نوعها في العالم العربي. عملت وزارة الداخلية التونسية على استخدام الروبوت المدرع والمجهز بكاميرات للمراقبة وكاميرات حرارية وبنظام تتبع لمراقبة حركة المارة والالتزام باجراءات حظر التجول.
كذلك حلت الروبوتات مكان ملايين المواطنين في الولايات المتحدة مما سمح باستمرارية الاقتصاد والأعمال خلال فترة الاقفال التام. وبحسب أبحاث أجراها اقتصاديون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة بوسطن، تبين أن الروبوتات ممكن ان تحل محل ما يصل إلى مليوني عامل إضافي في التصنيع وحده بحلول عام 2025.
ومن الدول التي اعتمدت على أداء الرجل الآلي، قطر، التي استعانت بالتكنولوجيا في مطارها ليُصنّف من أحدث المطارات على المستوى العالمي، كذلك الأردن، بريطانيا، اليابان، كوريا، الكويت، الامارات العربية المتحدة. ولم يكن الروبوت لمواجهة كورونا فقط أو لأخذ العينات من المصابين بل لتطوير الأعمال والتعلم عن بُعد.
الأنواع المستحدثة لخدمات بجودة عالية
وسط الابتكارات المتزايدة كان من بينها المميز وبخدمات فريدة. وفقاً لصحيفة "الغارديان" البريطانية، أربعة أنواع من الآلات الذكية شكّلت نقطة فاصلة في عالم الروبوتات وكانت مفيدة جداً للانسان خصوصاً لمواجهة كورونا.
في شمال لندن، اعتُمد الروبوت "ذات العجلات الست" الذي تبلغ سرعته 4 أميال في الساعة، أما حجمه فيجعل منه آلة مثالية للاستخدام. يعمل هذا الروبوت على توصيل الطعام وبضائع المتاجر إلى السكان.
ثاني الأنواع الاكثر انتشاراً كان الروبوت العامل بالأشعة فوق البنفسجية، حيث استخدمت المستشفيات الصينية هذا النوع من الروبوتات الدنماركية لتطهير وتعقيم الغرف بالأشعة فوق البنفسجية التي تشكل خطراً على الانسان عن مسافة قريبة.
أما في سنغافورة، فهناك روبوت "الكلب الأصفر" الذي يُذكّر العاملين في الحدائق بضرورة الالتزام بالتباعد الاجتماعي للحفاظ على السلامة العامة.
كذلك اليابان التي استبدلت الطلاب الذين لم يحضروا حفل التخرّج بروبوتات "التواجد عن بُعد" وهي تحتوي على كمبيوتر لوحي للرأس.
وبدورها الشركات العالمية استعانت بخدمات الرجل الآلي مقابل تسريح الموظفين، هذا ما حصل في شركة مايكروسوفت التي استغنت عن عشرات الصحافيين لتستعين بالذكاء الاصطناعي لتحديث الأخبار على موقعها الالكتروني وعلى المتصفح الرسمي التابع لها.
11.685 مليار دولار حجم الروبوتات المساندة للبشر بحلول 2027
ارتفعت قيمة الروبوتات الذكية ارتفاعاً ملحوظاً في الفترة الأخيرة بعد دخوله في نحو 90% من القطاعات، حيث من المتوقع أن يحقق سوق هذه التكنولوجيا نمواً مركباً سنوياً بنسبة 42%.
وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة "Fortune Business Insight" العالمية فمن المرجح أن يصل حجم الروبوتات المساندة للبشر في المجالات المختلفة إلى 11.685 مليار دولار بحلول عام 2027.
كا أكدت الشركة زيادة المنافسة بين الشركات التي تطمح لتوسيع مكانتها في صناعة الروبوتات. وعلى الخط نفسه، رجّح تقرير صادر عن مؤسسة " أوكسفورد إيكونوميكس" أن تحل الروبوتات محل نحو 20 مليون وظيفية في قطاع الصناعة والطب بحلول عام 2030.
إن كنا من داعمي التقنيات المتطورة أو العكس، فلا بد من الاشارة إلى أن الروبوت تمكّن من الناس والأعمال بذكاء وسرعة. قد تحد العوائق البدنية أو الفكرية من قدرة البشر على إتمام الكثير من الأمور، بينما برهن الرجل الآلي أنه دائماً على استعداد.