تطوّر شكل الأجهزة المحمولة وتبدّل مع تقدم الرؤية التكنولوجية للشركات الملمّة بهذا المجال وتوسّع آفاقها العملية التي تطمح من خلالها الى إرضاء المستخدم. فمع الوقت تحوّل الهاتف الذكي من مجرّد وسيلة للاتصال إلى أداة تُجسّد فيها الشركات التكنولوجية لمستها الفريدة من خلال تعديل المضمون وتحسين الشكل الخارجي.
من هاتف صغير الحجم إلى آخر بشاشة أكبر، أو من ذاك الذي لا يحمل سعة تخزين كبيرة وحجم بطاريته صغير إلى الأجهزة التي تتمتع بسعة تخزين كبيرة جداً وبطارية أضخم. إلى جانب الكاميرا التي أصبحت بعدسات أوسع وبدقة أكبر لجودة عالية في الصور. بينما الألوان، أصبحت في مراحل متقدمة، لتتمتع بلمعيتها المميّزة وتنوّع درجاتها بما يُناسب خيارك. هكذا بدأ شركات التكنولوجيا تهيّئ القاعدة لثورة التغيير في عالم الهواتف المحمولة إلى أن طرحت تحديثاتها مؤخراً وقدّمت الهاتف القابل للطي بشاشة تطوى إما إلى الخارج كهاتف هواوي Mate X أو RoyPay FlexPai، أو إلى الداخل مثل سامسونغ غالاكسي فولد.
على الرغم من النقلة النوعيّة في عالم تصنيع الأجهزة الذكية، لم يتمكّن هذا التصميم بالذات من جمع الآراء المؤيدة له، بل كانت هناك عدّة نظريات عارضته ولم تشجّع استخدامه إطلاقاً. فبغض النظر عن الشكل غير التقليدي، ما هي العيوب التي تكمن وراء الهواتف القابلة للطي؟ وكيف تمكنت الشركات المصممة لهذه الهواتف من ايقاع المستخدم بفخّ التجدد؟
نجاح مشكوك فيه بإصدارات الهواتف القابلة للطي!
للوهلة الأولى، تبدو لنا الهواتف القابلة للطي من أفضل التصاميم التي يمكن أن يتوصل إليها رواد التكنولوجيا في عصرنا هذا. غير أن بعد البحث والتدقيق، قد تكتشف أن هذه الاصدارات لم تكن على قدر النجاح الذي رُسم لها فعلياً، فكانت خيبات الأمل أكبر من “الآمال” التي رسمها المستخدمون والشركات المصممة لهذه الطرازات.
مع اطلاق شركة سامسونغ هاتفها “غالاكسي فولد” في شهر فبراير – شباط 2019، لم تسمح الشركة لكل الصحافيين الذين حضروا العرض بتجربة الهاتف عن قرب، بدليل عدم الثقة الكاملة بفعالية ونجاح هذا التصميم. هذا الأمر دفع بسامسونغ الى إطلاق طراز آخر من الهواتف القابلة للطي في ما بعد وهو “سامسونغ غالكسي زي فليب” الذي بدا أكثر متانة من غالاكسي فولد.
لهذه الأسباب، لم تلقَ الهواتف القابلة للطي إقبالاً كما كان متوقعاً، خصوصاً من قبل الذين يبحثون دائماً عن كل جديد في عالم الالكترونيات. أما من يبدّلون هواتفهم بصورة متتالية، فلم تكن الهواتف القابلة للطي محط ثقة لاستخدامها.
عيوب التصميم الخارجي
تحتوي الهواتف والأجهزة القابلة للطي على مشاكل عدة منعت أغلبنا من إقتنائها. فإلى جانب الشاشة الحساسة، تحتوي جميع هذه الأجهزة على مفصل أساسي قابل للكسر أيضاً إن لم يتم الانتباه جيداً الى كيفية استخدامه.
فعلى عكس الابتكارات السابقة التي أبهرتنا بها الشركات المصنعة للهواتف الذكية، كان الهاتف القابل للطي بمثابة إختبار أولي إما يرتقي بالشركة إلى الأمام أو يخيّب أمل جمهورها. هذا ما حصل مع إطلاق شركة سامسونغ لهاتفها “غالاكسي فولد”، حيث شهد الخبراء التقنيون تحطّم الهاتف مع الأيام الأولى من تقييمه، بالاضافة إلى ظهور بعض التجاعيد على الشاشة عند إرجاع الهاتف لحالته الأصلية بعد طيّه. وهذه المشكلة ظهرت أيضاً في جهاز هواوي وسائر الأجهزة القابلة للطي.
أما “سامسونغ زد فليب” و ” لينوفو” فكان حجم شاشتيهما عادياً، كذلك هاتف “موتورولا ريزر” الذي تبيّن أن شاشته مدعومة بمفصل مزعج وأداء بطاريته سيئ.
في المقابل، تم إصدار الأجهزة القابلة للطي بشاشة أكبر حجماً مثل “ثينك باد إكس 1 فولد” من “لينوفو” الذي يعمل كجهاز لوحي يبلغ حجمه من دون طي 13.3 بوصة كما يمكن أن يُطوى ليصبح بشكل كتاب.
لكن السؤال الأهم، كم عدد مرات الطي التي يمكن أن تتحملها هذه الأجهزة؟ وما هي مدى متانة الشاشة التي ستقوم بطيّها بشكل متكرر أي على عدد المرات التي ستستخدم فيها الجهاز؟
سلسلة تحديات تبرز إلى الواجهة
حتى الآن لا يمكننا أن نجزم بنجاح الأجهزة القابلة للطي، خصوصاً وأن سوقها ما زال ضيّقاً وعدد الشركات التي تدعم تصميم هذا النوع من الاصدارات ما زال خجولاً. لذلك، ما زالت التحديات كثيرة والاخفاقات أكبر إلى حين التوصل إلى الجهاز المثالي. فما هي أبرز التحديات التي نصادفها؟
عمر البطارية: إليك خيارين، إما الشاشة القابلة للطي إما البطارية الجيدة. فبعد الهواتف التي تحمل بطارية تدوم ليومين تقريباً، تأتي الهواتف القابلة للطي بخطوة ناقصة على هذا الصعيد وتقدم بطارية ضعيفة بالنسبة لجم الهاتف. فعلى سبيل المثال، تبلغ بطارية هاتف غالاكسي فولد 4380 ميللي أمبر ما لا يساوي شيئاً مع حجم الشاشة مقاس 7.3 بوصة.
السعر: تُعتبر الأجهزة القابلة للطي من بين الأغلى في الأسواق على الرغم من علامات الاستفهام الكثيرة حول أدائها. فطرحت سامسونغ هاتفها بقيمة ألفي دولار بينما هواوي 2600 دولار، كذلك أوبو و Xiaom. هذه الأسعار انعكست على نسبة المبيعات التي كانت منخفضة.
برامج وتطبيقات: سيكون التحدي صعباً أمام مطوري التطبيقات لتصميم التطبيقات التي تتوافق مع حجم شاشة الهاتف القابل للطي. خصوصاً وأن هناك شاشة خارجية بمقاس مختلف عن الشاشة الداخلية.
سوق الهواتف القابلة للطي: من المهيمن ومن الخاسر؟
تسعى شركات الالكترونيات لاحتلال السوق بزيادة الانتاجات والاصدارات وإضافة الخدمات والمميزات عليها. وعلى الرغم من كل الانتقادات التي واجهتها إصدارات الهواتف القابلة للطي، إلا أن سامسونغ صامدة محاولة السيطرة على سوق هذه الأجهزة.
وفي هذا الصدد أعلنت الشركة الكورية الجنوبية أنها تعمل على توسيع النطاق السعري للهواتف القابلة للطي وستستمر بتعزيز هذه الصدارات مع حلول عام 2021. كما توقعت سامسونغ إنخفاض المبيعات والربحية في الربع الأخير من عام 2020، نظراً لحدة المنافسة الربحية في نهاية العام.
ووسط هذه الأجواء، قد يستغرب البعض ابتعاد شركة آبل عن صناعة الهواتف القابلة للطي حيث ترى أن جمهورها يتجه نحو نوع وتصميم معيّن من الهواتف الذكية التي تتصدر الأسواق والمبيعات عالمياً، كما تنفيذ الهاتف القابل للطي يتطلب من آبل الكثير من الجهد بما أنه يجب أن يكون نظام التشغيل مناسباً مع الهاتف وآبل هي المسؤولة عن تطوير نظام التشغيل لديها. هذا من دون الاعتبار أن الهاتف لا يحمل مميزات فائقة، فشاشته مصنوعة من OLED التي لطالما تم استخدامها لصناعات أخرى.
صحيح أن الأجهزة القابلة للطي تعاني العديد من المشاكل التقنية والشكلية مما يعيق راحة المستخدم. لذلك ما علينا سوى الانتظار لنتعرّف على التحديثات التي ستطرحها الشركات المصنعّة، لتحسّن من خلالها هذا التصميم إن كان من الخارج أو الداخل؛ والأهم دراسة الأسعار السوقية لتُناسب كل الفئات المجتمعية.
على ضوء ذلك، يرى الخبراء أنه يجب الانتباه والتريّث جيداً قبل طرح أي طراز من الهواتف الذكية، خصوصاً وأن الطلب غير كثيف عليها.