في زمن الأزمات، ينقسم قطاع الأعمال إلى 3 فئات. الفئة الأولى هي الشركات التي لا تكون مجهزة لمواجهة التحديات، وبالتالي تتعرض لخسائر كبيرة قد تؤدي بها إلى الخروج من السوق. الفئة الثانية هي الشركات التي تمكنّها خططها من الصمود في وجه العاصفة والاستمرار بالحد الأدنى من العمليات التشغيلية. أما الفئة الثالثة فهي الشركات التي لا تحوّل الأزمة إلى فرصة فحسب، بل تهبّ أيضاً إلى مساعدة مجتمعها على المواجهة والاستمرار، من خلال تلبية متطلبات المرحلة.
ضمن شركات هذه الفئة الثالثة، يبرز اسم "زين السعودية" التي نجحت من خلال استراتيجيتها التشغيلية ورؤيتها التطويرية في التحوّل إلى مزود رائد للخدمات الرقمية يواكب أسلوب الحياة في عالم رقمي شديد الترابط، ويساهم في تطوير قدرات الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة وتعزيز موقعها على الصعيد العالمي.
في هذا اللقاء مع الرئيس التنفيذي للتواصل في "زين السعودية" الأستاذ ريان بن عبد الله التركي، نستعرض أبرز محطات الشركة خلال الفترة الماضية وتوجهاتها المستقبلية.
مع تطور الثورة التقنية، كيف تعزز "زين السعودية" خدمات الإنترنت والاتصالات في المملكة؟
تُعد شركة "زين السعودية" مزوداً رائداً لحلول وخدمات الاتصالات والإنترنت في المملكة، وقد تمكنت من ترسيخ موقعها بين أفضل مزودي هذه الخدمات على مستوى المنطقة والعالم في وقتٍ قياسي. وتسخّر "زين السعودية" كل إمكاناتها لدعم الجهود الحكومية لتحقيق التحوّل الرقمي الشامل، وفقاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030، حيث كانت للشركة مساهمات عديدة في تطوير قطاع الاتصالات والإنترنت الوطني من خلال استراتيجيتها التشغيلية القائمة على ضخ استثمارات نوعية والدفع باتجاه مزيد من الابتكار وتطوير الخدمات الرقمية في المملكة. ونفخر في "زين السعودية" بكوننا محوراً أساسياً في صناعة قطاع الاتصالات الوطني المعاصر وخلق آفاقه المستقبلية، من خلال تدشيننا أكبر شبكة للجيل الخامس في الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا، ورابع أكبر شبكة في العالم. ونحن ملتزمون بعملية الارتقاء المستمرة بقطاع الاتصالات الوطني ورفع تنافسيته، حيث استثمرنا خلال عام 2020م نحو 2.9 مليار ريال سعودي في قطاع الاتصالات السعودي، وبالتالي نحن مساهم رئيسي في تحول المملكة نموذجاً عالمياً رائداً في مجال الاتصالات. كما أنتهز الفرصة هنا للإشارة إلى أننا، وخلال الربع الأول من عام 2021، تصدّرنا جميع نتائج خدمات الجيل الخامس في المملكة وفقاً لتقرير "مقياس" الصادر عن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات مؤخراً. وهذا إنجاز، يضاف إلى سلسلة إنجازات دولية ومحلية حققتها "زين السعودية" خلال السنوات القليلة الماضية كمزود رائد لخدمات الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة.
إضافة إلى قطاع الاتصالات، كيف تفيد الاستثمارات النوعية للشركة باقي القطاعات؟
تبرز بصماتنا في "زين السعودية" بوضوحٍ في العديد من المشاريع الاستراتيجية التي يتم تنفيذها في المملكة. وهذا يأتي في صميم استراتيجية الشركة القائمة على دعم قطاع الأعمال في المملكة وتمكينه. وأذكر هنا، على سبيل المثال لا الحصر، الاتفاقية الحصرية التي وقعناها مع "مشروع البحر الأحمر"، أحد أكبر المشاريع السياحية في المملكة والمنطقة وتعادل مساحته مملكة بلجيكا، لتقديم خدمات الاتصالات والإنترنت في المواقع التابعة له لمدة خمس سنوات. وعلى صعيدٍ آخر، أبرمنا مذكرة تفاهم مع الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن) لتوفير خدمات الجيل الخامس والاتصالات والإنترنت عالي الجودة والخدمات السحابية وإنترنت الأشياء في المدن الصناعية التابعة لـ"مدن"، وذلك لتمكين المصانع من تسريع عملية التحول الرقمي في عملياتها ومواكبتها عصر الثورة الصناعية الرابعة. هذا، بالإضافة إلى اسهاماتنا في دعم العديد من الخدمات المخصصة لقطاع الأعمال عبر توفير باقة متكاملة من الحلول والمنتجات الرقمية المبتكرة.
ما هي استراتيجية زين لتطوير ودعم الجيل الخامس في المملكة، وكيف تعمل الشركة لتوسيع الشبكة في المناطق النائية؟
نتابع في "زين السعودية"، تعميق تجربة الجيل الخامس في المملكة على مستويين: أفقي وهو خاص بنشر شبكة الجيل الخامس على أوسع نطاق جغرافي ممكن، حيث تمكنا من تغطية 50 مدينة سعودية عبر 4700 برج، وعمودي من خلال التركيز على القطاعات النوعية التي تملك فيها المملكة مقوّمات وإمكانات تنافسية عالية. وكان من أبرزها الشراكات التي وقعتها الشركة مع مجموعة من المشاريع الضخمة مثل البحر الأحمر المُعنى بقطاع السياحة، واتفاقيتنا مع مدن لتمكين الثورة الصناعية الرابعة في المملكة ونحن مستمرون في العمل مع شركائنا للتوسع وخلق نماذج عمل مستقبلية بالاعتماد على تطبيقات الجيل الخامس.
وبموازاة ذلك، لم نغيّب عن أدائنا معياريّ الشفافية والمصداقية اللذين اعتمدناهما مع عملائنا، بهدف تزويدهم بأدق المعلومات لناحية تغطية خدمات الجيل الخامس، وذلك من خلال اطلاعهم على مناطق تغطية الجيل الخامس عبر خرائط تفاعلية تفصيلية ننشرها في الموقع الإلكتروني، ونحدثها باستمرار.
في ظلّ الصعوبات التي تمرّ بها شركات الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط، هل تمكّنت "زين السعودية" من تخطّي الأزمة الراهنة الناتجة عن انتشار فيروس "كورونا المستجد" (كوفيد-19)؟
صحيح أن جائحة فيروس "كورونا المستجد" وضعت ضغوطاً وتحديات كبيرة على شركات الاتصالات من أجل تلبية الطلب المتنامي على خدمات الاتصالات والإنترنت، لكن بالنسبة لنا في "زين السعودية"، ونتيجة لما تتمتع به الشركة من رؤية استثمارية وكفاءة تشغيلية، فقد شكلت تلك الفترة محطة مفصلية لتطوير عمل الشركة؛ حيث سجلنا خلال تلك الفترة نتائج دولية مشرفة وبشهادة عدد من المرجعيات العالمية والمحلية المتخصصة والمرموقة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وفي مقدمها يأتي تقرير "مقياس" الصادر عن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، والذي تطرقنا إلى أحدث نتائجه في بداية الحديث، وكذلك عدد من التقارير العالمية المرموقة أبرزها تقرير أوبن سيجنال (Open Signal)، وأوكلا (Ookla) وغيرهما. خصوصاً أن الجائحة أثبتت الحاجة إلى مواصلة الاستثمار والتوسّع في القطاع لتلبية النمط الجديد من أسلوب العمل والحياة في ظل الواقع الجديد الذي فرضته الجائحة، والذي لا يمكن استدامته إلا من خلال بنية تحتية رقمية صلبة توفر الإنترنت بشكل مستمر وتدعم تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز على مدار الساعة.
وهنا، وللتأكيد على مستوى الجدارة والريادة الذي تتمتع به "زين السعودية" في توفير بنية تحتية رقمية نوعية، أود أن أتطرق بإيجاز إلى النتائج المشرّفة لـ"زين السعودية" وفق تقرير حديث صادر عن شركة umlaut، المتخصصة في رصد وتقييم كفاءة شبكات وخدمات الاتصالات. فقد صنّفنا التقرير كـ"أفضل مزود لخدمات الجيل الخامس وأداء للبيانات في الرياض"، كوننا نتمتع بأقوى تغطية لخدمات الجيل الخامس، متفوقين على أقرب منافس لنا بنسبة 27%. كما أظهرت نتائج التقرير أن خدمات بيانات الجيل الخامس تتمتع بموثوقية وأداء متميّزَيْن، مع معدلات نجاح بلغت 98.8%، إلى جانب أعلى سرعات لرفع الملفات وتحميلها، وأقصر وقت لبدء الفيديوات على YouTube وبدقة ممتازة.
وقد كان لهذه الجهود والنتائج التي حققناها في "زين السعودية"، دورٌ بارزٌ في ظهور العاصمة الرياض في أبهى صور التحول الرقمي عالمياً، حيث احتلت المرتبة الأولى بين عواصم العالم على مستوى سرعات الجيل الخامس، متقدمةً على عواصم مثل طوكيو ودبلن، وفقاً للتقرير الصادر عن شركة أوبن سيجنال العالمية في أبريل 2021.
كيف توظف "زين السعودية" البنية الرقمية لها في إيجاد حلول ابتكارية؟
الابتكار والإبداع هما شعاران ملتزمون بهما في "زين السعودية"، ولطالما احتلا سلم أولوياتنا. وقد ترجمنا ذلك عبر الاستثمارات الضخمة التي قمنا بضخها في مجال الابتكار في الخدمات والمنتجات الرقمية، وكذلك في استقطاب وتنمية المهارات البشرية لرفع مستويات الإبداع ومخرجاته في الشركة.
وفي هذا المجال، وفرنا في "زين السعودية" عدداً من الخدمات والمنتجات الرقمية المبتكرة مثل: خدمات الحوسبة السحابية، وخدمات الذكاء الاصطناعي، وتقنيات إنترنت الأشياء(IoT) ، وكل الخدمات التي تعتمد تطبيقات الجيل الخامس، والتي تخدم مختلف الشرائح، سواء من قطاع الأعمال أم الأفراد، كهواة الألعاب الإلكترونية والترفيه، إضافة إلى الشركات والجهات الحكومية.
وأود التركيز هنا على خدمات "سحابة زين"، حيث باتت الخدمات السحابية ركناً محورياً في تطور خدمات قطاع الأعمال والقطاعات الحكومية، والتي أطلقناها بالشراكة مع AliBaba Cloud، إحدى أكبر الشركات العالمية في مجال الحوسبة السحابية.
وكذلك على مستوى الأفراد، وتحديداً في حلول الألعاب السحابية، وقعنا شراكة مع NVIDIA، مزوّد الألعاب الإلكترونية الرائد في مجال الحوسبة السحابية. وقد أطلقنا منصّة GeForce NOW للألعاب السحابية، وبشكل حصري، على شبكة الجيل الخامس في المملكة العربية السعودية.
وعلى صعيدٍ آخر، نعزز حضورنا في قطاعات نوعية جديدة تشكل مستقبل التقنية والابتكار والحداثة في المملكة منها: الطائرات المسيرة بدون طيار (الدرونز) ، والتقنية المالية الحديثة FinTech من خلال توفير حلول داعمة للتحول المالي الرقمي بما ينسجم مع استراتيجية الاقتصاد الرقمي التي أقرتها المملكة حديثاً. وعليه، أطلقنا شركة "تمام"، ذراع "زين السعودية" للتقنية المالية، والتي حصلت على أول رخصة للتمويل المصغر في المملكة من قبل البنك المركزي السعودي (ساما). وبموجب هذا الترخيص، أصبحت "تمام" من أوائل مزودي التقنية المالية ومقدّمي حلول التمويل الاستهلاكي المصغر عبر عملية فورية ورقمية بالكامل.
- فازت "زين السعودية" بثلاث جوائز مخصّصة لتجربة مستخدمي الجيل الخامس. كيف تحافظ الشركة على هذا النجاح، وما هي الخطط المرتقب تطبيقها خلال عام 2021؟
نفخر أن هذه الجوائز العالمية تعكس مستوى الابتكار والتطور الذي وصلت اليه "زين السعودية"، والتي بطبيعة الحال تؤكد حرصنا على تعزيز وتحسين تجربة العميل الذي هو غاية نجاحنا الأهم والمحور الأساسي في كل خدماتنا. والتزاماً منا بمبدأ الشفافية والمصداقية تجاه عملائنا في أي مكان، ومن أي قطاع، فإننا نحرص على تزويدهم بأدق المعلومات لناحية تغطية خدمات الجيل الخامس، وذلك من خلال إطلاعهم على مناطق التغطية لهذا الجيل من الاتصالات، عبر خرائط تفاعلية تفصيلية ننشرها في الموقع الإلكتروني، ونحدثها باستمرار.
أما على الصعيد المستقبلي، فأعتقد أن عنوان المرحلة المقبلة سيكون الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي وغيرهما من التقنيات المستقبلية لما سيكون لها من دور أساسي في عالم ما بعد فيروس "كورونا المستجد". وهذا يدفعنا إلى التركيز بشكل أكبر على دعم وتوطين التقنية والابتكار في هذا الإطار، وتأهيل الكفاءات الوطنية القادرة على إدارة العمل، وتحصين بيئة العمل عبر مزيد من التنوع والإدماج، ويأتي على رأس ذلك تمكين المرأة عبر زيادة حضورها في مختلف الإدارات لدينا.
وبموازاة ذلك، سنواصل التوسّع في نشر الخدمات ورفع جودتها، وتعزيز تنافسية القطاع، وذلك عبر متابعة الاستثمار في تطوير شبكتنا لاستقطاب أحدث الابتكارات والخدمات الرقمية الرائدة والتقنيات الحديثة، خاصة تلك المرتبطة بشبكات الجيل الخامس، وما سيليه.