أثارت الدراسات الحديثة جدلاً كبيراً حول تأثير نماذج العمل عن بُعد والمختلط على الابتكار داخل الشركات. فكشفت الأبحاث التي أجرتها جامعات مختلفة، بما في ذلك جامعة إسيكس، وجامعة شيكاغو، وجامعة أكسفورد، وغيرها، عن تأثيرات متناقضة بناءً على إعدادات العمل.
تعزز البيئات المكتبية التقليدية تفاعل الموظفين العفوي والمثمر والذي غالباً ما يؤدي إلى إنجازات مبتكرة. فرغم قدرتها على توفير المرونة، تميل اعدادات العمل عن بُعد إلى إنتاج أفكار مبتكرة ذات جودة أقل بسبب انخفاض التعاون الشخصي.
في دراسة بارزة نُشرت في مجلة Scientific Reports، والتي تابعت أكثر من 48000 موظف من شركة هندية كبيرة لتكنولوجيا المعلومات، وجدت أنه في حين ظلت كمية الأفكار مستقرة خلال فترات العمل عن بُعد، إلا أن الجودة الإجمالية تأثرت. كما أظهرت النماذج الهجينة، التي تجمع بين العمل عن بُعد والعمل المكتبي، نتائج مختلفة اعتماداً على جهود التنسيق بين اعضاء الفريق.
كذلك وجدت دراسة تابعت 20 مليون دراسة علمية وأربعة ملايين طلب براءة اختراع أن الفرق التي تعمل شخصيًا كانت أكثر عرضة بنسبة 22% لإنشاء براءات اختراع مبتكرة وأكثر احتمالية بنسبة 27% لإنتاج رؤية واضحة في الأوراق العلمية.
تتوافق هذه النتائج مع المخاوف التي أعرب عنها قادة الأعمال حيث ألقى الرئيس التنفيذي لشركة Nike مؤخراً اللوم على نهج العمل عن بُعد ومساهمته في افتقار الشركة إلى الأفكار المتقدمة، وأشار سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، إلى تأثير العمل عن بُعد سلبياً على الشركة.
على مستوى آخر، تعمل التطورات في البنية التحتية والتكنولوجيا، مثل الإنترنت عالي السرعة، على تعزيز التعاون عن بُعد وتحقيق نتائج مبتكرة. يُظهر هذا التحول أن الفرق البعيدة لم تعد مواكبة للعمل فقط؛ بل إنها تسعى جاهدة لإعادة تحديد معايير العمل التعاوني.
يمكن للتوازن بين العمل المكتبي والعمل عن بُعد أن يغيّر سوق العمل المتطوّر باستمرار والذي يستند إلى الابتكار والانتاجية.