في آخر مستجدات قضية مينج وانجو المديرة المالية لشركة هواوي وابنة مؤسسها ورئيسها رين تزين فاي، وجه محاموها اتهامات صريحة للسلطات الأميركية بتضليل المحكمة الكندية المشرفة على جلسات الاستماع القضائية لوانجو وذلك بعد الكشف عن مستندات جديدة قدمت للمحكمة يوم الخميس تفيد بأن معلومات هامة تم مسحها من السجلات الأميركية للقضية، بالإضافة لرسائل بريد إلكتروني بين شركة هواوي وبنك HSBC البريطاني تؤكد أن المديرة المالية لهواوي لم تقم بأي عملية احتيال أو خرق للعقوبات المفروضة من قبل الولايات المتحدة على إيران.
وأكد المحامون أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبعض الشخصيات البارزة في الإدارة الأمريكية أثروا سلباً على نزاهة الإجراءات القضائية مدفوعين بنواياهم لاستخدام مينج كورقة ضغط في النزاع التجاري بين أمريكا والصين. كما أظهر تقرير مرافعات المحامون أن السلطات الأميركية مسحت متعمدة أجزاء رئيسية من عرض "باور بوينت" الذي قدمته مينج في عام 2013 إلى مسؤول مصرفي في بنك HSBC في هونج كونج، وهو أهم أحد أهم المستندات والدليل الرئيسي الذي تستند إليه الحكومة الأميركية في اتهامها لـمينج بالاحتيال من خلال تضليل البنك للقيام بتعاملات مالية بالدولار الأميركي لصالح شركة سكايكوم الإيرانية التي تدرجها هواوي ضمن قائمة "الشركاء التجاريين". وتعرِّض هذه التعاملات البنك لغرامات مالية بموجب قانون العقوبات الأميركية على إيران. وقدّم المحامون نسخة من عرض باور بوينت توضح الصفحتين 6 و 16 المحذوفتين من العرض الذي قدمته السلطات الأميركية.
ومن ضمن ما ورد في الشريحتين المحذوفتين أن "سكايكوم تعمل مع هواوي في مجال الخدمات والمبيعات في إيران باعتبارها شريك تجاري لها" وأن "هواوي تقوم بأعمال تجارية طبيعية في إيران" وكذلك تعمل مع هيئات أخرى في هذه الدولة. وأوضح فريق الدفاع أن السبب في كون العرض التقديمي مضللاً هو أنه أغفل الإفصاحات الهامة التي قدمتها مينج خلال عرض باوربوينت الذي يوضح علاقة شركة هواوي بشركة سكايكوم. وتتضمن العبارات المحذوفة: سكايكوم تعمل مع هواوي في مجال الخدمات والمبيعات في إيران باعتبارها شريك تجاري لها" و"هواوي تقوم بأعمال تجارية طبيعية في إيران". وأكدوا بأن الأجزاء المحذوفة توضح أن مينج منحت البنك الحقائق التي يحتاجها لتقييم مخاطر التعامل مع هواوي.
كذلك شكك محامو مينج في صحة مزاعم الولايات المتحدة الأميركية بأن مسؤولين صغار فقط في بنك HSBC كانوا على علمٍ بالعلاقات بين هواوي وسكايكوم. وتظهر رسائل البريد الإلكتروني التي قدمها فريق الدفاع مراسلات جرت بين هواوي والبنك تؤكد أن عدداً من نواب الرئيس الكبار ونواب الرئيس كانوا على علم بالعلاقة بين هواوي وسكايكوم منذ بدايات عام 2011.
وقال فريق الدفاع عن مينج أن مسح المعلومات وأساليب التضليل واضحة ومتعمدة بشكل جدي، مؤكدين أن سلوك الولايات المتحدة الأميركية "لم يراعي حتى الآن أدنى معايير الحرص والصدق والدقة مما يمثل انتهاكاً حقيقياً لإجراءات المحاكمة". وأضافوا أن بنك HSBC لديه الخيار في تصفية الأموال الأميركية من خلال نظام التصفية الالكتروني لنقل الأموال (CHATS) والذي يوفر نظاماً بديلا لتصفية التعاملات المالية في هونج كونج يعتبره بنك HSBC "آمناً من العقوبات الأميركية."
وفي هذا السياق، أدلى جون ب. بلنجر، أحد شركاء شركة Arnold & Porter القانونية، بشهادةٍ قال فيها: "يجب على البنك تحمل مسؤولية الطريقة التي يتم الدفع فيها، وليس العميل". كما صرح "إريك وونج وينج هيم"، المدير العام المتقاعد لبنك ستاندرد تشارترد، في شهادته قائلاً: "هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها دفع مبالغ مالية بالدولار الأميركي عن طريقٍ شركاتٍ خارج الولايات المتحدة بدون إقحام النظام الاقتصادي الأميركي فيها، وشركة USD CHATS تعد من الأمثلة البارزة في هذا المجال".
وقال تشانج تينجون، الباحث المساعد وزميل معهد الصين للدراسات الدولية في بكين، إن قضية مينج هي "في الأساس حيلة سياسية تمارسها الحكومة الأمريكية لعرقلة تطوير التقنيات الصينية فلا يمكن للحكومة الأمريكية قبول هواوي كشركة عالمية رائدة في تقنية الجيل الخامس". وأضاف: "دوافع هذه القضية سياسية بحتة".
من المتوقع أن تُعقد جلسات الاستماع الخاصة بالدلائل الجديدة في آذار المقبل. وكانت مينج قد اعتُقلت في مطار فانكوفر الدولي بناءً على مذكرة اعتقال أصدرتها الولايات المتحدة الأميركية في ديسمبر 2018 واتهامه السلطات الأميركية مينج بالاحتيال المصرفي وتضليلها لبنك HSBC حول حقيقة العلاقات بين هواوي وإحدى الشركات التي تعمل في إيران، مما أدى إلى وقوع البنك تحت طائلة الغرامات المالية والعقوبات لتجاوزه قانون العقوبات الأميركية على طهران. وقد أنكرت مينج وشركة هواوي مراراً وتكراراً فعلها لأي نشاطات خارجة عن القانون.
ويدعي محامو مينج قيام رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بتسييس الاعتقال عبر ربط الإفراج عن مينج بالإفراج عن معتقلين كنديين لدى الحكومة الصينية، وهما رجل الأعمال مايكل سبافور والدبلوماسي السابق مايكل كوفريج والذين تم احتجازهما بعد أيام معدودة من احتجاز مينج ووجهت إليهما اتهامات بالتجسس مؤخراً.
كما أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصيني زاو ليجيان في مايو في تصريح له أن الصين تعبّر عن عدم ارتياحٍ كبير ورفضٍ قاطع للحكم الصادر من المحكمة الكندية ضد مينج، وأنها قدمت العديد من الاحتجاجات الرسمية حول هذه القضية. وصرح االشهر الماضي بأن هذه القضية كشفت حسابات السياسات الولايات المتحدة الهادفة إلى الضغط الصين من خلال هواوي وشركاتٍ تقنية صينية أخرى، واصفاً إياها بكونها "قضية سياسية بامتياز".
وفي خضم الجدل المتزايد حول البنك البريطاني إثر قيامه بسلسلة من الأفعال المشبوهة وموقفه المتذبذب تجاه القضايا الكبرى التي تواجهها الصين، فقد تقود هذه الأدلة الجديدة إلى موقف أكثر خطورة، حيث يقول المراقبون إن البنك سيكون أول ما تستهدفه الصين إذا سعت للرد بالمثل وسط تراجع العلاقات بين الصين والمملكة المتحدة، إذ أن الأدلة الجديدة تُظهر صراحة كيف أن البنك نصب فخاً عن عمد، وقام بتجميع المواد من هنا وهناك، فضلاً عن الأدلة المفبركة للإيقاع بشركة هواوي، والتي بدورها ستؤثر على سمعة البنك، سيما وأن البنك حقق أرباحاً طائلة جراء عمله مع هواوي ويفهم تماماً طبيعة العلاقة التي تربط الشركة الصينية مع سكايكوم، فقد كانت هناك مراسلات كثيرة تدل على طبيعة الشراكة التجارية العادية بين الطرفين، وأنه لا يوجد أي خرق للعقوبات الأمريكية ضد إيران قامت به هواوي.
تؤكد هواوي أنها تدير أعمالها في إيران وفقاً لقوانين العقوبات واللوائح المعتمدة لدى الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وأنها ترتبط مع شركة سكايكوم بعلاقة عمل طبيعية. ومن خلال الضوابط التجارية والإجراءات التي تتبعها، تطلب هواوي من شركة سكايكوم الالتزام بالقوانين واللوائح المعتمدة وأنظمة مراقبة الصادرات.